U3F1ZWV6ZTM2NTcxODYxMjE3MDQ3X0ZyZWUyMzA3MjY5MjQ1NjA0Mg==

تقييم تاثير تدريس اللغة العربية على التمكن من اللغة والثقافة عند الحالية المغربية بالخارج. ملخص تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين



مرحبا بكم وبكن في مدونتكم التربوية 
 
يقدم هذا التقرير نتائج الدراسة التي أجريت حول تقييم تأثير تعليم اللغة العربية )تعليم اللغة والثقافة الأصليتين( ،على التمكن من اللغة وعلى ثقافة الجالية المغربية المقيمة بثلاثة بلدان رئيسية وهي:  فرنسا وبلجيكا وألمانيا.  وقد تحددت أهداف هذه الدراسة في تقدير تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين على: 
التمكن من اللغة لدى الشباب المستفيدين من هذا التعليم،  في اللغة العربية،  علما بأنهم بلغوا حاليا ثمان عشرة سنة وأكثر؛ 
الحفاظ على هويتهم الوطنية وعلى ثقافتهم؛ تدعيم ارتباطهم ببلدهم الأصلي .
1. منهجية التقييم المعتمدة 
تمثلت المقاربة المستخدمة في تطبيق نموذج للتقييم مستوحى من النماذج الدولية المهتمة بتقييم تأثير التكوين على مكتسبات المتعلمين. وقد تم قياس الإشكالية بناء على متغيرات قائمة على ما يلي: 
أ( التحفيز على تعلم اللغة العربية؛ ب( الشعور بالرضى تجاه هذا التعليم؛ ج( فائدة هذا التعليم داخل بلد الإقامة؛ د( الارتباط بالبلد الأصلي؛ ه( نقل ذلك إلى الأجيال المقبلة. 
لقد تم قياس تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين من خلال بحث أجري على عينة تمثيلية من التلاميذ الذين استفادوا من هذا التعليم؛ وعلى عينة أخرى من التلاميذ الذين لم يستفيدوا منه )كعينة للمقارنة(. وتشمل هذه الأخيرة ،الشباب الذين استفادوا من المقام الثقافي و/أو الذين لم يستفيدوا لا من تعليم اللغة والثقافة الأصليتين ولا من المقام الثقافي .
وقد سمح التقييم المتبع بالمقارنة بين أربع مجموعات تمت معاينة كل واحدة منها، انطلاقا من الأبعاد سالفة الذكر ،بغرض قياس تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين على الشباب المستفيدين.  وشُكِّلت هذه المجموعات الأربع كما يلي: أ( مجموعة "تعليم اللغة والثقافة الأصليتين +  المقام الثقافي؛ ب(  مجموعة "تعليم اللغة والثقافة الأصليتين، وحده"؛ ج( مجموعة "المقام الثقافي وحده"؛ د( مجموعة "لا تعليم للغة وللثقافة الأصليتين ولا مقام". وقد بلغ عدد المستجوَبين بالبلدان الثلاثة المعنية،  الذين أجابوا عن أسئلة الاستمارة ،1272 مستجوب. ونقدم في ما يلي النتائج والخلاصات والتوصيات الرئيسية المتعلقة بهذه الدراسة .
2. الخصائص السوسيو-ديموغرافية للمستجوبين على المستوى الديموغرافي، ازدادت غالبية المستجوبين في بلد الإقامة، وتراوحت أعمارهم ما بين 18 و45 سنة، من بينهم 72% أقل من ثلاثين سنة، حيث يشكل الذكور 46% والإناث 63%؛ وهم ينتمون عموما إلى أسر كثيرة العدد نسبيا )أربعة إخوة وأخوات في المتوسط(. كما أن 43% من المستجوبين متزوجون،  و71% من هؤلاء عقدوا زواجا مختلطا. ومن بين المستجوبين ذوي الأطفال، نجد أن 44% سجلوا أطفالهم في دروس العربية و65% سجلوهم في دور الحضانة، قبل سن التمدرس .
وبخصوص المستوى التعليمي، يتوفر 54% من المستجوبين على شهادة البكالوريا أو ما يعادلها، كما أن نصف عددهم يشتغل بانتظام، بنسبة أكبر عند الرجال) 75%( ونسبة أقل عند النساء) 83%(. وتشتغل الغالبية العظمى كذلك في القطاع الخاص بعقد مفتوح) 47%( ويتلقى 75% منهم راتبا يتراوح بين 1000 و2000 يورو؛ وهناك قسم مهم منهم مستخدمون أو موظفون) 04%(. 
أما بالنسبة لمميزات الوالدين، فإن الإقليم الذي قدم منه آباء المستجوبين،  والذي يحتل المركز الأول،  هو الناظور )82%(، يليه كل من إقليم الدار البيضاء) 7%( ووجدة 
)6%( ثم الأقاليم الأخرى. وقد أكد 45% من بينهم، أنهم يقطنون مع الأب، و58% مع الأم. وخلال فترة تلقي دروس اللغة العربية، كان آباء المستجوبين يمارسون مهنا قارة عموما؛ وأغلب الأمهات يشتغلن بالمنزل .
وبالمقابل،  فإن مستوى تعليم الوالدين يتراوح بين الأمية والابتدائي بالنسبة لأكثر من النصف.
3. حافز ورضى المستفيدين من تعلم اللغة والثقافة الأصليتين 
بخصوص الحافز، اكتُسبت اللغة مبكرا منذ الطفولة كلغة أم )الدارجة(، وتم تعلُّم العربية الفصحى مبكرا أيضا، إذ أن 07% من المستفيدين شرعوا في تعلمها ما بين سن السادسة والثامنة. وهناك نوع من الانتظام على مستوى متابعة هذا التعليم) 26% قضوا أكثر من أربع سنوات في تعلمها ،و32% خصصوا لها أكثر من أربع ساعات في الأسبوع(؛ وهو ما يبرز الحافز القوي لتعلم اللغة العربية. ومن بين الأسباب المحفزة على أخذ دروس في اللغة العربية، نجد أولا أهمية هذا التعليم بالنسبة للفرد) 19%(، ثم أهميته بالنسبة لحفظ القرآن) 48%(، والحفاظ على الثقافة المغربية) 56%(. 
وفي ما يتعلق بمستوى الرضى،  أبان أغلب المستجوبين عن رضاهم بخصوص تعلم اللغة العربية عموما) 86%(. لكن تجهيزات المدرسة اعتُبرت من طرف شريحة كبيرة منهم، مرضية قليلا) 5,14%( أو غير مرضية تماما) 3,23%(؛ ولم يعبر سوى 62% عن رضاهم التام. وقد اختلف هؤلاء المستجوبون في ما بينهم بخصوص رضاهم عن الإدارة )انخراطها، وجاهزيتها الخ..(، فإذا كان 6,44% قد أعلنوا عن رضاهم عنها، فإن 4,73% فقط من المستجوَبين راضون عنها قليلا،  وعبر 81% عن عدم رضاهم التام.  وبالنسبة للمضامين المدَُرَّسة،  أقر 8,54% برضاهم،  بالمقابل أعلن 8,27% عن رضاهم إزاء المدرسين .
ومن جانب آخر، صرح أفراد الغالبية العظمى من العينة، بأن اللغة العربية ساهمت في تدعيم ثقافتهم الأصلية) 58%(، وبأنه من الضروري تعليمها لأطفالهم) 69%(، وإن كان 25% قد اعتبروا بأن اللغة لا تساهم في عملية الإندماج المدرسي لهؤلاء الأطفال .
وأخيرا، دعا 76% من المستجوَبين إلى إدخال تغييرات على دروس تعليم اللغة والثقافة الأصليتين، كما أكدت غالبيتهم ضرورة تغيير المضامين) 1,08%( والتجهيزات) 5,67%(. 
4. تأثير تعلم اللغة والثقافة الأصليتين على الحياة اليومية 
على مستوى التمكن من اللغة العربية،  يبدو مستوى التمكن من العربية الفصحى من طرف المستجوبين ضعيفا )25%( أو متوسطا) 83%(. وبالمقابل، تعتبر الدارجة هي لغة التواصل في الدائرة العائلية وبين أفراد الجالية المغاربية .وتحتل الأمازيغية، كلغة للتواصل داخل العائلة، مكانة هامة بالنسبة للجالية المنحدرة من الريف )خصوصا في ألمانيا وبلجيكا( .
وبالنسبة للاندماج في بلد الإقامة، ما زالت المشاركة في الأنشطة الثقافية محدودة جدا )لا تتعدى نسبة المشاركة في أغلب الأحيان 8,31% من المستجوبين(. وبالمقابل، هناك مشاركة أكبر في الاحتفالات التقليدية )تبلغ نسبة المشاركة في أغلب الأحيان 43%(. وعلى مستوى المشاركة النقابية والسياسية،  يلاحَظ شبه غياب لدى المستجوبين،  سواء تعلق الأمر بالانخراط في النقابات أو بالانخراط في الأحزاب السياسية. ويشكل الاستثمار في بلد الإقامة ظاهرة متنامية ،حيث أن 01% قاموا باستثمارات في هذا الأخير، كما أن 
63% ينوون القيام بذلك .
أما بخصوص تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين والمقام الثقافي على الحياة اليومية،  فيمكن القول بعد مقارنة المستفيدين من التعليم المذكور ومن المقام الثقافي بغير المستفيدين منه، بأن تعليم اللغة والثقافة الأصليتين والمقام الثقافي، يدعِمان ويقوِيان بشكل دال، التحكم في الدارجة واستعمالها للتواصل مع الوالدين والأصدقاء .
لكن، لا يوجد تأثير للمقام الثقافي على التحكم في العربية الفصحى واستعمالها في وسائط الإعلام مثلا، على عكس تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين.  وفي الأخير،  ليس هناك أي تأثير سلبي، لا من جانب تعليم اللغة والثقافة الأصليتين ولا من جانب المقام الثقافي، على اندماج الفرد في بلد إقامته .
5. تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين على الارتباط بالبلد الأصلي 
على مستوى معرفة البلد وتقاليده،  تبيَّن أن 84% من المستجوبين يعرفون ماضي بلدهم وأصولهم جيدا، مقابل 05% ممن تقل معرفتهم لذلك.  كما أن 95% على علم بالمنجزات الكبرى الأخيرة بالمغرب؛ وعبَّر 38% عن مستوى عال أو متوسط بخصوص معرفة التقاليد المغربية. وقد أكد 75% بأنهم يتابعون قنوات التلفزة المغربية، حيث يشاهد 
4,92% من بينهم القناة الثانية، و4,27% القناة الأولى .
كما يرتبط المستجوبون بشكل كبير بالطبخ المغربي )يفضل 05% الكسكس في المقام الأول(؛ أما فئة الفنانين المذكورة أكثر، فهي فئة المغنين) 55%(. ومن بين الأشياء التي يتم جلبها أكثر من البلد، نجد الملابس التقليدية) 71%(، وزيت الزيتون وزيت أركان) 61%(. 
وبالنسبة للروابط مع البلد الأصلي،  إذا كان الانخراط في الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية شبه منعدم )أقل من 2%(، فإن زيارة البلد تتكرر بالمقابل، خصوصا في عطلة الصيف) 16% من المستجوبين يزورون المغرب مرة واحدة في السنة على الأقل(. كما أن اللغة المستعملة أكثرخلال الإقامة بالمغرب،  هي الدارجة) 78%(.  وبخصوص تحويل الأموال إلى البلد، أكد ثلث المستجوبين فقط، بأنهم يقومون بذلك بشكل منتظم أو بحسب المناسبات؛ وأعلن 7% فقط بأنهم قاموا باستثمارات خصوصا في مجال العقار ،وإن كان 05% قد أعلنوا عن نيتهم في الاستثمار ببلدهم قريبا .
أما في ما يتعلق بتأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين والمقام الثقافي على الارتباط بالبلد الأصلي،  فيمكن القول بعد مقارنة المستفيدين من التعليم والمقام الثقافي المذكورين مع غير المستفيدين منهما،  بأن تعليم اللغة والثقافة الأصليتين والمقام الثقافي يدعمون ويقوون بشكل كبير درجة المعارف والروابط بالمغرب )تكرار الزيارات ونية العودة(. لكن لا يوجد تأثير للمقام الثقافي على المشاركة الاقتصادية بالبلد وعلى استخدام اللغة الدارجة خلال المقام الثقافي بالمغرب، لأن هذا التأثير متعلق بتعليم اللغة والثقافة الأصليتين وحده .
6. خلاصة
سمح لنا هذا البحث بالحصول على معطيات ونتائج دقيقة جدا، حول العلاقة باللغة العربية وتأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين،  وحول الحياة الثقافية في بلد الإقامة والتعلق بالبلد الأصلي بالنسبة للمستجوبين بثلاثة بلدان مستهدفة وهي: فرنسا وبلجيكا وألمانيا. فهذه البلدان هي التي عرفت تغطية أكبر من طرف تعليم اللغة والثقافة الأصليتين وبرامج المقام الثقافي المقترحة على أبناء المغاربة المقيمين بالخارج ،بغرض الحفاظ على هويتهم الثقافية وتقوية روابطهم ببلدهم الأصلي. وقد تم قياس تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين والمقام الثقافي، في مختلف أبعاد الحياة اليومية للمستجوبين ،الذين يتجاوز عمرهم حاليا 18 سنة .
ومن الممكن تسجيل النتائج المهمة التالية،  انطلاقا من معطيات البحث: 
1 - بداية، كان الحافز كبيرا جدا لدى المستجوبين ، من أجل تعلم العربية ضمن برنامج تعليم اللغة والثقافة الأصليتين،  وذلك منذ طفولتهم،  حيث تمرسوا على الدارجة مع أفراد أسرتهم، قبل استعمالها في التواصل مع أصدقائهم. وقد بذل الآباء مجهودات كبيرة لمتابعة تعليم أبنائهم، إذ يعتبرون اللغة أداة للحفاظ على الهوية الوطنية والدينية لذريتهم .
2 - بعد ذلك، عبر المستجوبون عن رضاهم بهذا التعليم على الرغم من عدم إحاطتهم بكل عناصره. وبالفعل ،ما زالت هناك ثغرات ملموسة على مستوى المضامين المدَُرَّسة التي طالب 08% من المستجوبين بتغييرها ،أو على مستوى التجهيزات التي طالب 67% منهم بتغييرها أيضا. 
3- تميز تحكم المستجوبين في العربية الفصحى التي شكلت موضوع التدريس في برنامج تعليم اللغة والثقافة الأصليتين ،بمستوى متوسط إلى ضعيف،  بالنسبة لغالبية المستجوبين ، مما يعني أن تأثير هذا البرنامج ما زال ضعيفا .
والملاحظ أن الدارجة تحتل مكانة متميزة في التواصل بالدائرة العائلية وبين أفراد الجالية المغاربية. كما تحتل الأمازيغية كلغة للتواصل داخل العائلة،  مكانا مهما بالنسبة للجالية المنحدرة من الريف )خصوصا في ألمانيا وبلجيكا(، مما يعني أن تعلم العربية الفصحى ببرنامج تعليم اللغة والثقافة الأصليتين، لم يكن ذا تأثير كبير، بسبب الثغرات المذكورة. 
4 - تظل المشاركة الاجتماعية والسياسية ببلد الإقامة ،جنينية بالنسبة للأشخاص المستجوبين . ويرجع ذلك على الأرجح، إلى عدم اهتمام شبه معمم بالسياسة ،أكثر مما يعود إلى عوامل ذاتية أو خصوصية معينة .فالاستثمار في مشاريع اقتصادية ببلد الإقامة، في تطور رغم محدوديته، إلا أنه يظل مع ذلك ظاهرة صاعدة بنسبة 01% من المستجوبين الذين استثمروا في بلد إقامتهم و63% ممن ينوون الاستثمار فيه.
5 - هناك تعلق قوي بالبلد الأصلي يتجلى عبر الرابطة اللغوية التي تمنح الأفضلية للتواصل بالدارجة، خلال زيارة المغرب، وعبر الرابطة الثقافية القوية التي تحافظ على التقاليد المغربية المتنوعة، وعلى فن الطبخ المغربي ،وأخيرا عبر الرابطة الأسرية القوية جدا التي تبرز في الاستقبال العائلي خلال العطل .
6- هناك تأثير إيجابي دال جدا لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين مع تأثير إضافي دال للمقام الثقافي على التحكم في الدارجة واستعمالها في بلد الإقامة .وبالفعل، فإن تعليم اللغة والثقافة الأصليتين أو المقام الثقافي أو هما معا،  يقويان ويدعمان بشكل دال ،استعمال الدارجة للتواصل مع الأهل والأصدقاء. وهناك أيضا ،تأثير إيجابي دال جدا لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين، وحده، لكن لا يوجد أي تأثير دال للمقام على التحكم في العربية الفصحى واستعمالها ببلد الإقامة .
7- ليس هناك أي تأثير سلبي لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين وللمقام على "المشاركة والاندماج" داخلبلد الإقامة .
8- بخصوص التعلق بالبلد الأصلي ،هناك تأثير إيجابي دال جدا لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين مع تأثير إضافي دال للمقام الثقافي على المعارف المتعلقة بالمغرب وعلى عدد زياراته وعلى النية في العودة إليه .
هناك أيضا ،تأثير إيجابي دال جدا لهذا التعليم وحده ،لكن لا يوجد أي تأثير دال للمقام الثقافي، على مشاهدة قنوات التلفزة المغربية وعلى المشاركة الاقتصادية بالمغرب وعلى التواصل بالدارجة خلال زيارة البلد .
في الأخير، لقد نجح برنامج تعليم اللغة والثقافة الأصليتين ،في تحقيق بعض الأهداف المرسومة، مثل الحفاظ على الهوية الثقافية المغربية والتعلق بالبلد الأصلي.  غير أن مستوى التحكم في العربية الفصحى لدى المستفيدين من هذا التعليم، والذي ظل متوسطا إلى ضعيف رغم الحافز الموجود لدى المتعلمين وقضاء سنوات عديدة أحيانا في ظل التعليم المذكور، يدعونا إلى إعادة النظر فيه وإعادة توجيهه وتعبئة كل الموارد البشرية والمالية المخصصة له،  من أجل إنجاح مهمته .
وبالفعل، إذا كان هذا التعليم قد منح للمتعلمين أسس التعلم الأولى لقواعد اللغة العربية الأساسية ،فإنه لم يبلغ المستوى الذي يسمح لهم بالتحكم الجيد في العربية الفصحى. ويتعين تدقيقه أكثر من أجل اقتراح برنامج مصادق عليه أولا ومتوفر على إطار مرجعي، وغني أيضا ومتلائم مع كل مستويات التعليم ومع كل أعمار المتعلمين، من الابتدائي إلى الثانوي. كما ينبغي مراجعة المضامين كلية، بناء على رغبات المستفيدين أنفسهم،  وأن يتم تحسين التجهيزات وتجديدها رقميا، لتحفيز المتعلمين بشكل أكبر على اختيار هذا التعليم والتميز في إطاره .
ولكي يكون التغيير فعالا،  يجب أن تنبثق إرادة تحسين تعليم اللغة والثقافة الأصليتين من كل الفاعلين المعنيين بهذا البرنامج، بدءا بالإدارة التي يتعين عليها أن تنخرط أكثر ،وأن تكون رهنً إشارة المستفيدين وأكثر إنصاتا لطلباتهم .كما يجب على المدرسين أن ينصتوا إلى المعلمين وأن يكونوا مستعدين لتجاوز الصعوبات التي يواجهها تلاميذهم خلال التعلم .
في هذا الإطار،  ينبغي القيام ببحث كيفي على شكل مجموعة نقاش Focus-groupe، يهم كل الفاعلين من أجل جمع التوصيات الواقعية، النابعة من المتدخلين الرئيسيين في هذا التعليم والذين سيساهمون في تحسين جودته وشروط تطوره .
7. أية آفاق لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين؟
نتساءل الآن:  ما هي الآفاق التي يمكن تصورها بالنسبة لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين،  انطلاقا من معطيات البحث؟ 
إن المهام الموكولة من طرف المؤسسة لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين وللمقام الثقافي، تشير إلى أن: 
"تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأطفال الجالية المغربية المقيمة في الخارج، هو من صميم انشغالات المؤسسة: أولا ،بسبب الأهداف الأساسية التي حددتها للحفاظ على الهوية الثقافية لأطفال هذه الجالية وتمتين الروابط مع البلد الأم؛ وثانيا بسبب اهتمام مواطنينا بالخارج، المرتبطين بقيم بلدهم دوما، بهذا البرنامج .
ويحدد المقام الثقافي باعتباره امتدادا طبيعيا لتعليم اللغة والثقافة الأصليتين. وهو يسمح للمشاركين فيها باكتشاف وإعادة اكتشاف وتقدير غنى ثقافتهم الأصلية في أبعادها المتعددة. وقد توفر هذا البرنامج على ميثاق يتعلق بالجودة المهيكلة للتطور المتميز للمشاركين .
كما أن المسائل من طبيعة دينية تحظى باهتمام خاص من طرف الجالية المغربية المقيمة بالخارج ومن طرف المؤسسة؛ فالإسلام يشكل من حيث الجوهر قاعدة للهوية الثقافية والتعبدية المغربية ." 
وقد أظهر تقييم تأثير تعليم اللغة والثقافة الأصليتين والمقام الثقافي، بأن تعلق المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي ،قوي جدا ويتجلى في استعمال الدارجة والأمازيغية، كما يتجلى في الثقافة المغربية عبر الموسيقى والطبخ والتقاليد والزي التقليدي .
وبرغم الرغبة المعلنة في تعليم اللغة والثقافة الأصليتين، فإن ذلك لم يسمح بتعلم مكتمل للعربية الفصحى، ما دام هذا التعلم ضعيفا على مستوى الاكتساب. والحال، أن التحكم في العربية الفصحى يشكل هدفا من أهداف برنامج تعليم اللغة والثقافة الأصليتين .
وهذا العجز يهُم أيضا مضامين البرنامج وطرق التعليم والبنية التحتية التي يشتغل المدرسون في إطارها .
ما هي الآفاق التي يمكن تصورها بالنسبة لهذين البرنامجين؟ يمكننا تصور سيناريوهين وهما كالتالي: 
السيناريو الأول: تحسين ما هو قائم 
يسعى السيناريو الأول إلى تحسين ما هو قائم، عبر تجاوز العجز الملاحظ. وبالتالي يتعين: 
i. تقديم جواب جوهري بخصوص إصلاح البرامج ومضامين تعليم اللغة العربية؛ 
ii. تصور إطار مرجعي للغة العربية وعُدة تتضمن اختباراتللمستويات؛ 
iii. إقرار الإشهاد بالنسبة لكل مستوى، لتثمين تعليم اللغة العربية؛ 
iv. يجب إدراج تكنولوجيات جديدة في تعليم اللغة العربية، عبر برامج تستخدم دعامات رقمية لتحديث هذا التعليم؛ v. تحسين إطار البنية التحتية؛ 
vi. تكوين المدرسين للتحكم في الطرق الملائمة لتعليم التلاميذ المستهدفين بهذا النوع من التعليم .
السيناريو الثاني: منح البرنامج وجهة جديدة 
بما أن التعلق باللغة يتم أساسا عن طريق الدارجة والأمازيغية ،وبما أن الأصوات تعالت للمطالبة بإدماج اللغة العربية في مدارس بلدان الإقامة، كما هو الحال في ألمانيا مثلا، فإنه يتعين العمل تدريجيا وبتنسيق مع البلد المستقبل، على إدماج تعليم اللغة العربية في المؤسسات التربوية بهذا الأخير .ذلك أن هذا الإدماج سيضمن مردودية أفضل لتعليم اللغة العربية، لأنه سيتحقق وفق معايير التعليم وداخل إطار تربوي ملائم وبطرق بيداغوجية مناسبة .
ونظرا للتأثير الإيجابي للمقام الثقافي في البلد الأصلي ،يمكن تشجيع تعليم العربية كتعليم مندمج، كي يتوفر على الشروط الضرورية لتعليم قائم على الجودة .
وفي هذه الحالة ينبغي تقوية وتدعيم المقام الثقافي للأسباب التالية: 
I. يجب أن يستهدف المقام الثقافي المتعلمين الذين يمارسون هذه التجربة مع بلدهم الأصلي، في سن بناء شخصيتهم )مثلا من 8 إلى 13 سنة(؛ II. يتعين تصور برامج مناسبة للمقام الثقافي ، تشمل معرفة الثقافة المغربية وزيارة المواقع التاريخية؛ III. ينبغي تصور برامج للمقام الثقافي والتبادلات والحلقات الدراسية، حيث يشارك فيها الطلبة من المغاربة المقيمين في الخارج مع الطلبة المغاربة الآخرين،  وفق برنامج تساهم فيه الجامعات المغربية .
الجمع بين السيناريو الأول والثاني 
من اللازم، سواء اخترنا تعليم اللغة والثقافة الأصليتين عبر تحسين الصيغ الحالية وإصلاح المضامين والمناهج وتدعيم البنية التحتية، أو اخترنا إدماج تعليم اللغة العربية بمؤسسات بلد الاستقبال، خلق برنامج e-learning بالعربية وابتكار نظام للوصاية والإشهاد بالنسبة لكل المستويات.  كما يجب تدقيق المضامين الرقمية من خلال تعبئة كفايات البيداغوجيين والمهندسين في التطوير الرقمي،  وأيضا كفايات مدرسي اللغة العربية .
ومن جانب آخر، يجب تعميق المعارف لتوجيه برنامج تعليم اللغة والثقافة الأصليتين والمقام الثقافي ، بشكل أفضل، عبر القيام بدراسات كمية وكيفية، من قبيل الدراسات حول: 
"المغاربة المقيمين بالخارج وقضاء العطل بالمغرب ،"وتستهدف هذه الدراسة الأسر والشباب؛ 
"الطلبة المغاربة بالخارج"؛ 
"خريطة المهن التي يزاولها المغاربة المقيمون بالخارج"؛ وغيرها من الدراسات  ...
 
 Pdfلتحميل الملف الكامل بصيغة  
من هنا
 هنا 


☆☆
ندعوكم الى تقديم آرائكم واقتراحاتكم من خلال صندوق التعليقات أسفله.كما يمكنكم تقاسم ونشر أعمالكم على الموقع ، وما على الراغبين في ذلك سوى مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني التالي: Mojmos3@gmail.com لأي استفسار ما عليكم سوى مراسلتنا
 ☆☆
 فى نهاية موضوعنا هذا وللاطلاع على الموضوعات القادمة وحتى تتوصلوا بكل جديد من موضوعات المدونة لاتنسوا التسجيل والانضمام للقائمة البريدية للمدونة بادخال بريدكم الالكتروني عن طريق التسجيل نسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه. لا تنسونا من خالص الدعاء. مواضيع موقعنا متعددة ومتنوعة وتعنى بكل ما يخص التربية والتعليم من : أخبار ومستجدات التربية والتعليم، موارد رقمية، جدادات لمختلف المستويات، دلائل، وثائق تربوية للاستاذ والتلميذ،ادارة تربوية،مواضيع تخص كل ما يتعلق بالتفتيش،مواضيع تخص كل ما يتعلق بالتعاقد، مواضيع تتعلق بالاختبارات المتعلقة بامتحانات الكفاءة المهنية لأسرة التربية والتعليم بجميع أسلاكها،دروس وملخصات للمتعلم والمتعلمة، فروض وامتحانات تعليمية لمختلف المستويات والاسلاك:ابتدائي؛اعدادي،ثانوي. مواضيع في علوم التربية، والبيذاغوجية، والديداكتيك.أنشطة وتطبيقات داعمة للمتعلم والمتعلمة والمزيد، المزيد من المواضيع...
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

ضع تعليقا خاصا ولا تنسى الاعجاب والاشتراك ادا اعجبك الموضوع للتوصل بكل ما هو جديد.شكرا.

الاسمبريد إلكترونيرسالة