U3F1ZWV6ZTM2NTcxODYxMjE3MDQ3X0ZyZWUyMzA3MjY5MjQ1NjA0Mg==

تقرير المجلس الأعلى يشخص الوضع الكارثي لواقع التعليم بالمغرب

كشف التقرير التحليلي لـ”تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000-2013″، عن مكامن الخلل في منظومة التربية والتكوين بالمغرب خلال العرية الأخيرة وبداية العشرية الحالية، وقدم تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي قُدمت مضامينه الأسبوع الماضي خلال أشغال الدورة الثانية للمجلس، -قدم- تشخيصا لواقع التعليم بالمغرب بمختلف مستوياته، من التعليم الأولي إلى التعليم الجامعي، انطلاقا من دراسات أعدتها الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، ومن دراسات أخرى وطنية ودولية.
وتبدو المدرسة حسب معدي التقرير، من خلال الصورة التي يروجها الإعلام عنها، مؤسسة في وضعية أزمة، إذ أصبحت اليوم هدفا للانتقادات التي تحملها مسؤولية كل الأزمات، في الاقتصاد لأنها لا تؤهل إلى سوق الشغل، وفي الثقافة بمبرر كونها لم تعمل على تقوية السلوك المدني لدى الشباب، وفي المجتمع لأنه أخفق في ان يجعل من مهمته التربوية تكوين مواطنين مسؤولين.
ويرى المجلس ان هناك حاجة إلى تقييم تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، “تمليه كذلك التغييرات التي عرفها المغرب في سياق تفعيل دستور 2011، الذي أفرد للتربية مكانية هامة ضمن حقوق إنسانية أخرى”.
وتوقف التقرير عند عدد من مظاهر الخلل من خلال تشخيص علمي مرفوق بمعطيات إحصائية رقمية.

تعميم شبه كامل لتمدرس الأطفال بين 6 و11 سنة
تمدرس الأطفال البالغين 6 سنوات سجل سنة 2013 نسبة 95 بالمائة، سواء الذين التحقوا بالتعليم الابتدائي، أو الذين ما يزالون متأخرين في التعليم الأولي، وتفيد المعطيات بوجود تباين في أعمار المتمدرسين، يكشف عن تأخر في ولوج التعليم الابتدائي، خاصة وأن النسبة الخام للتمدرس، مقارنة مع مجموع الأطفال البالغين 6 سنوات، تبين أهمية الجهود المبذولة لتحقيق تمدرس كافة هؤلاء الأطفال.
ويمكن اعتبار سنة 2012 سنة التحقيق شبه الكامل لتعميم تمدرس أطفال الفئة العمرية 6-11 سنة، فقد بلغت نسبة التعميم 88 بالمائة بالنسبة للفتيات في الوسط القروي سنة 2009، لترتقي بعد ذلك إلى 96 بالمائة ابتداء من 2012. وهكذا تقلصت الفوارق والتفاوتات التي كانت قائمة على أساس النوع، وكذا بين الوسطين الحضري والقروي، بشكل كبير بين سنتي 2000 و2012.
تعميم التعليم بالإعدادي مؤجل إلى 2019
بلغ تمدرس أطفال الفئة العمرية 12-14 سنة 2012 نسبة 86 بالمائة، إلا أن نسبة تمدرس هذه الفئة في السلك الإعدادي تظل محدودة، ذلك أن 85 بالمائة فقط من هذه الفئة هم الذين ولجوا الإعدادي خلال السنة ذاتها، علما أن أكثر من الربع، أي 28 بالمائة من هؤلاء الأطفال، ما زالوا يتابعون دراستهم في التعليم الابتدائي، وهو ما يعني استمرار التأخر الدراسي وارتفاع نسبته تدريجيا مع ارتفاع نسبة تمدرس هذه الفئة العمرية (12–14 سنة). فالتأخر يتنامى مع تقدم أعمار التلاميذ بدرجة يستحيل فيها التعميم النوعي للتعليم الإلزامي، أي خروج التلاميذ من السلك الإعدادي في السن المحدد لذلك.
وذكر التقرير أن عدم تعميم التعليم الثانوي الإعدادي على المستوى الوطني يجد تفسيره في الوضعية الخاصة بالوسط القروي، لاسيما تشتت السكن وعدم تغطية كافة الجماعات الترابية بالمؤسسات الإعدادية، ومستوى عيش الأسر المحدود الذي يحول دون تحمل تكاليف التمدرس بالمدينة القريبة، بعيدا عن مقر سكن الأسرة. ويتوقع حسب فرضيات علمية مدروسة، تعميم التعليم الإعدادي بالوسط القروي، على الأرجح سنة 2019.
تقدم نسبة تمدرس الأطفال بين 4 و5 سنوات بعشر نقط
تتجلى خصوصية التعليم الأولي في كونه لا ينتمي للتعليم الإلزامي، كما يتسم بثنائية نموذجه البيداغوجي، تقليدي عصري، وتعدد القطاعات الحكومية المسؤولة عنه “التربية الوطنية، الأوقاف والشؤون الإسلامية، الشبيبة والرياضة، الأسرة والتضامن، التعاون الوطني، إلخ..”، إلى جانب جمعيات المجتمع المدني والمتدخلين الخواص، كل ذلك ينعكس على نوعية هيكلته وتنظيمه.
ومن بين خصوصيات التعليم الأولي أيضا عدم تجانس أعمار أطفاله، وذلك أن 10 بالمائة من المتمدرسين فيه سنة 2013، لا ينتمون للفئة العمرية 4-5 سنوات، وأن أزيد من 2.8 بالمائة من الأطفال المسجلين في التعليم الابتدائي يتراوح سنهم ما بين 4 و5 سنوات، وتمثل هذه الأخيرة أزيد من 111 ألف طفل، أي أزيد من 10 بالمائة من مجموع أطفال هذه الفئة العمرية، مما يتطلب أخذ هذه الخصوصيات بعين الاعتبار عند تقييم الجهود المبذولة في تعميم التعليم الأولي وولوج التعليم الابتدائي.
ومن زاوية الجهود المبذولة، يسجل أن 63.5 بالمائة من الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 4 و5 سنوات، متمدرسون في التعليم الأولي أو الابتدائي سنة 2013، أي أكثر من 6 أطفال من بين كل 10. ويعد أطفال المجال الحضري من هذه الفئة العمرية أكثر تمدرسا في هذين السلكين بنسبة 79 بالمائة سنة 2013، مقابل 45.5 بالمائة في الوسط القروي، غير أن نسبة الفتيات القرويات اللائي استفدن من التمدرس بالتعليم الأولي أو الابتدائي، لم تتجاوز 33.6 فقط سنة 2013.
وتقدمت نسبة تمدرس أطفال الفئة العمرية 4-5 سنوات بعشر نقاط في الفترة الممتدة ما بين 2001 و2013، وإذا كانت نسبة الذكور لم تعرف تقدما ملحوظا، (+3.2 بالمائة)، فإن نسبة الإناث عرفت تزايدا هاما (+16.7 بالمائة)، لاسيما إناث الوسط القروي اللائي تضاعفت نسبتهن خلال هذه الفترة. كما أن الجهود الرامية إلى تعميم تتمدرس أطفال الفئة العمرية 4-5 سنوات ملموسة جدا خلال مرحلة تنفيذ البرنامج الاستعجالي، بالوسط الحضري على وجه الخصوص، في المقابل، أكثر من نصف أطفال هذه الفئة العمرية، 54.5 بالمائة، لم يستفيدوا بعد من التعليم الأولي. وحتى لو استمرت وثيرة إنجازات البرنامج الاستعجالي، فإن اعتبار التطور الديموغرافي عند تحليل نسب تمدرس أطفال الفئة العمرية 4-5 سنوات، يؤشر على احتمال عدم بلوغ هدف تعميم التعليم الأولي سنة 2015.
3% يستكلمون الأسلاك التعليمية دون أي تكرار
تمثل نسبة التلاميذ الذين يتمكنون من استكمال الدراسة بأسلاكهم التعليمية مؤشرا على المردودية الداخلية للنظام التربوي، كما أن نجاح هذا الأخير يظل مرتبطا بقدرته على الاحتفاظ بالتلاميذ، حتى يتابعوا مسارهم الدراسي ويستكملوا الأسلاك التعليمية بنجاح.
ويعتبر التقرير أن تحقيق أهداف استكمال الدراسة المحددة من طرف الميثاق، يستلزم تقليص الهدر المدرسي بشكل كبير، غير أن درجتي التكرار والانقطاع كانتا مرتفعتين في بداية العشرية الأخيرة، وحالتا بالتالي دون التحقيق الفعلي لهذه الأهداف، مما أدى إلى تأجيلها لما بعد 2011.
وتتمثل أهداف الميثاق بخصوص الإبقاء على المتعلمين بالأسلاك الدراسية على نحو جيد، في الوصول إلى نسبة 40 بالمائة من النجاح في امتحانات الباكالوريا سنة 2011، وتحقيق استكمال الدراسة بنسبة 60 بالمائة حتى نهاية التعليم الثانوي عام 2011، وكذا تحقيق نسبة 80 بالمائة نهاية المدرسة الإعدادية سنة 2008 ونسبة 90 بالمائة نهاية المدرسة الابتدائية سنة 2005.
ويلاحظ من خلال فحص المعطيات الخاصة بنسب الدراسة لدى ثلاث أفواج للتلاميذ الجدد المسجلين في التعليم الابتدائي العمومي في السنوات 2000، 2001، و2002، أن من بين كل 100 تلميذ مسجل في السنة الأولى من التعليم الابتدائي العمومي سنة 1999، 35 بالمائة فقط منهم تمكنوا من استكمال الدراسة بهذا السلك في متم 2005 دون أي تكرار، وأن 18 بالمائة منهم أتموا التعليم الإعدادي في نهاية 2008، وأن 6 بالمائة منهم فقط استكملوا الدراسة بالتأهيلي في متم 2011، وتفيد المعطيات ذاتها أن 3 بالمائة فقط منهم حصلوا على الباكالوريا في السنة ذاتها دون أي تكرار.
ويخلص التقرير بناء على ما سبق، إلى أنه لم يتم تحقيق أهداف الميثاق الوطني للتربية والتكوين المتعلقة باستكمال التلاميذ للدراسة بالأسلاك التعليمية.
64% من الطلبة يغادرون الجامعة دون شهادة
عرف عدد طلبة الجامعات تزايدا كبيرا ما بين 2000 و2013، إذ انتقل من 261 ألف و 629 إلى 543 ألف و 419 طالب وطالبة، وتحظى المسالك ذات الاستقطاب المفتوح بأكبر نسبة من هذا التدفق الكبير، فهي تمثل اليوم 86,7 بالمائة من مجموع أعداد طلبة التعليم العالي، ويسجل التزايد الملحوظ في أعداد الطلبة المسجلين بالمسالك ذات الاستقطاب المحدود، إذ انتقلت من 8,7 بالمائة سنة 2001 إلى 15,4 بالمائة سنة 2013. وتبرز المعطيات المتوفرة حاليا حول نسب الاحتفاظ بالطلبة، أن نسبة الانقطاع عن الدراسة تبلغ 64 بالمائة في الجامعة المغربية. وتوجد أكبر نسبة للانقطاع عن الدراسة الجامعية في شعب ومسالك العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بـ68 بالمائة، متبوعة بالعلوم بـ65 بالمائة، فالآداب والعلوم الإنسانية ب56 بالمائة.
وتشير المعطيات إلى أن أعدادا هامة من الطلبة تغادر الجامعة دون الحصول على شهادة، وأن توقعات البرنامج الاستعجالي الهادف إلى تحقيق نسبة 69 بالمائة من الحاصلين على شهادة جامعية ضمن فوج 2009-2010 لم يُكتب لها أن تتحقق.
ولا تتعدى نسب الاحتفاظ بالطلبة في عينة من خمس جامعات 36 بالمائة، وتتراوح نسبة الحصول على دبلوم جامعي، أخذا للتكرار بعين الاعتبار، في حدود 31 بالمائة في الإجازة، فوج 2006، أما الطلبة الحاصلون على الإجازة بدون تكرار، فلا تتعدى نسبتهم 14 بالمائة من كل فوج، وهي نسبة تعرف تزايدا عبر الزمن، إذ بلغت 19 بالمائة في فوج 2009.
ويرى تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن التعليم العالي يبقى متسما بازدواجية تتجلى في وجود نظام يقنن ولوج بعض المؤسسات ويحدد أعداد طلبتها، مقابل نظام آخر مفتوح أمام الجميع ويسمح بالتسجيل في المؤسسة المرغوب فيها دون معايير دقيقة مسبقة، وهذا النظام الأخير يواجه تزايد أعداد الطلبة الوافدين على المؤسسات ذات الولوج المفتوح، والتي تعرف أكبر نسب الهدر الجامعي.
ذوو الإحتياجات الخاصة الأكثر تعرضا للإقصاء من المدرسة
يمثل الأطفال ذوي الحاجات الخاصة الفئة الأكتر هشاشة والأكثر تعرضا للإقصاء من المدرسة من بين الأطفال الذين هم في سن التمدرس. وحسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2004، بلغ عدد الأطفال الذين هم في وضعية إعاقة والبالغين من العمر أقل من 15 سنة 75 ألف طفل وطفلة، وتصل نسبتهم ضمن هذه الفئة العمرية من الأطفال 0.8 بالمائة. أما عدد الأطفال ذوي الإعاقة من الفئة العمرية 6 إلى 11 السنة، فيقدر بـ38 ألف طفل وطفلة، تصل نسبة تمدرسهم إلى 34 بالمائة على المستوى الوطني (26 بالمائة بالوسط الحضري، و42 بالمائة بالوسط القروي). ويتم استقبال غالبية هؤلاء الأطفال من طرف مؤسسات التعليم الأولي، أو مراكز مشابهة لا تنتمي رسميا لقطاع التربية الوطنية. ولا تسمح هذه البيانات المستقلة عن النظام التربوي لهذه الشريحة من الأطفال المعاقين من متابعة دراساتهم عند إتمام تعليمهم الإلزامي، وذلك بسبب غياب جسور وممرات مع النظام المدرسي الرسمي.
ويظل تمدرس هذه الفئة من الأطفال داخل التعليم الإلزامي بالنظام المدرسي الرسمي ضعيفا جدا، ذلك أنه في سنة 2013، لم يستقبل سوى 4501 طفل وطفلة في وضعية إعاقة بالتعليم الابتدائي والإعدادي، 3690 منهم تقل أعمارهم عن 15 سنة.
وفي سنة 2007، استقبل النظام المدرسي الرسمي 2914 تلميذ وتلميذة، من ذوي الإعاقة من جميع الأعمار. وقد مثلت الفئتان العمريتان 6_11 سنة و12_14 سنة، غالبية الأطفال المعاقين المتمدرسين بنسبة 79 بالمائة، أما نسبة المتمدرسين البالغين من العمر أقل أقل من 6 سنوات، وأكتر من 14 سنة، فتظل ضعيفة، مما يبين ما يعرفه هؤلاء الأطفال من تأخر كبير في ولوج المدرسة، وضعف نسبة من يتابع منهم دراستهم بعد مرحلة التعليم الإلزامي. واستنادا إلى تصنيف نوع الإعاقة، يبدو أن الأطفال الذين يعانون من الإعاقة الذهنية هم الذين يمثلون الفئة الأكثر تمدرسا بنسبة 67 بالمائة سنة 2013. أما على مستوى النوع، فقد كانت نسبة الإنات المتمدرسات ضمن مجموع الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية هم الذين يمثلون الفئة الأكثر تمدرسا بنسبة 67 بالمائة سنة 2013. أما على مستوى النوع، فقد كانت نسبة الإناث المتمدرسات ضمن مجموع ذوي الإعاقة ضعيفة جدا، إذ لم تتجاوز 38 بالمائة مع الإشارة إلى أنها تتناقص بحسب التقدم في السن.
وأخيرا، وباستحضرنا وسط الإقامة، فإن البنية تعاني من اختلال وعدم توازن كلي لفائدة أطفال الوسط الحضري، طالما أنه يحتوي 93 بالمائة من الأطفال الذين يحملون إعاقة مدى الحياة، مقابل 6 بالمائة في الوسط القروي. وتكشف هذه البنية مايعرفه الوسط القروي من ندرة في المؤسسات التربوية المستقبلة لهذه الشريحة من الأطفال، لاسيما من يعانون من إعاقة ذهنية وحسية، غير أن هذه المعطيات تعكس واقعا اجتماعيا وثقافيا مغايرا لوضعية الإعاقة بالوسط القروي، بحيث لا يتم اعتبارها دائها من طرف الآباء وضعية تستلزم تربية خاصة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

ضع تعليقا خاصا ولا تنسى الاعجاب والاشتراك ادا اعجبك الموضوع للتوصل بكل ما هو جديد.شكرا.

الاسمبريد إلكترونيرسالة