![]() |
المغرب في عهد المولى ادريس الاول ، بناء الدولة الإدريسية. |
المول إدريس الاول وبناء الدولة الإدريسية .
المقدمة:
من الشتات إلى المؤسس .
في نهاية القرن الثامن الميلادي، كانت الخلافة العباسية في أوج قوتها، لكنها أيضًا في ذروة صراعاتها الداخلية مع أبناء البيت العلوي، الذين رأت فيهم تهديدًا لشرعيتها. من قلب هذه الأحداث الدموية، خرج رجلٌ واحد، حفيد الإمام الحسن بن علي، ليُكتب له النجاة من الموت، ويُؤسس في المغرب الأقصى دولةً ستُغير وجه التاريخ في شمال إفريقيا. إنه المولى إدريس الأول، مؤسس الدولة الإدريسية، وقصة هروبه الملحمية من مطاردة العباسيين، التي تجمع بين الذكاء السياسي، والحنكة العسكرية، والتحالف الثقافي الفريد.
الفصل الأول :
الخلفية التاريخية . الصراع بين العباسيين والعلويين
1. الصراع على الشرعية :
بعد استيلاء العباسيين على الخلافة عام 750م، بدأوا في تصفية خصومهم السياسيين، وخاصة العلويين (أتباع علي بن أبي طالب وأبنائه)، الذين اعتبروهم منافسين شرسين بسبب مكانتهم الدينية في قلوب المسلمين.
2. معركة فخ (786م):
اندلعت انتفاضة علوية في الحجاز بقيادة الحسين بن علي (العابد)، ابن عم إدريس الأول، لكن الجيش العباسي سحقها في معركة فخ قرب مكة، والتي راح ضحيتها عشرات العلويين. نجا إدريس بأعجوبة، لكنه أصبح مُطاردًا رقم واحد.
الفصل الثاني:
. رحلة الهروب – من الحجاز إلى المغرب عبر الموت
1. الهروب الأولي:
بعد معركة فخ، فرَّ إدريس مع خادمه رشيد (أمازيغي من قبيلة زناتة) عبر الصحراء إلى مصر، حيث مكث فترةً تحت حماية أنصار العلويين.
2. الاختيار الاستراتيجي للمغرب:
اختار إدريس المغرب الأقصى (شمال إفريقيا) لعدة أسباب:
- بُعده الجغرافي عن مركز السلطة العباسية في بغداد.
- الاضطرابات السياسية في المنطقة، مع ضعف سيطرة الدولة العباسية.
-الوجود الأمازيغي الذي كان يبحث عن قائد موحد ضد التهديدات الخارجية.
3. عبور الصحراء :
بمساعدة رشيد، قطع إدريس آلاف الكيلومترات متنكرًا في هيئة تاجر، عبر طرق تجارية سرية، متجنبًا نقاط التفتيش العباسية.
الفصل الثالث:
التحالف مع الأمازيغ – مفتاح النجاح السياسي .
1. لقاء مصيري مع قبيلة أوربة:
في عام 788م، وصل إدريس إلى وليلي (قرب مكناس حاليًا)، حيث التقى بزعيم قبيلة أوربة الأمازيغية إسحاق بن محمد. قدَّم إدريس نفسه كحفيد النبي محمد ﷺ، مُستغلًا مكانة آل البيت في نفوس الأمازيغ الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا.
2. الخطبة التي غيَّرت التاريخ:
ألقى إدريس خطبةً في سوق وليلي، عبَّر فيها عن رغبته في توحيد القبائل تحت راية الإسلام، وعدالة الحكم، مُتجنبًا الخوض في الخلافات المذهبية (الشيعة vs. السنة).
3. الزواج الاستراتيجي:
لتعزيز التحالف، تزوج إدريس من **كنزة الأوربية**، ابنة زعيم القبيلة، مما منحه شرعيةً اجتماعيةً وسياسية.
الفصل الرابع :
تأسيس الدولة الإدريسية – من الهارب إلى المؤسس .
1. بناء أول عاصمة: وليلي
اختار إدريس وليلي عاصمةً لدولته الناشئة، لموقعها الاستراتيجي بين سهول الأطلس، وبدأ في بناء المساجد وتنظيم الجيش.
2. سياسة التوحيد الذكية:
-التحالفات العسكرية: ضم قبائل أمازيغية مثل صنهاجة و زناتة عبر التفاوض أو القوة.
-العدالة الاجتماعية: فرض نظامًا ضريبيًا عادلًا، مما أكسبه دعم الفلاحين.
- النشاط العلمي: جعل وليلي مركزًا للعلم، جاذبًا علماء من المشرق والأندلس.
3. الرد العباسي – محاولة الاغتيال:
أرسل الخليفة العباسي هارون الرشيد عميلاً يُدعى سليمان بن جرير، الذي تظاهر بالانضمام إلى إدريس، ثم دسَّ له السم عام 791م. توفي إدريس متأثرًا بالسم، لكن دولته استمرت بقيادة ابنه إدريس الثاني .
الفصل الخامس:
إرث الدولة الإدريسية – أٔسٔس الهوية المغربية .
1. توحيد المغرب سياسيًا:
أصبحت الدولة الإدريسية نواةً لأول كيان سياسي مستقل في المغرب، بعيدًا عن سيطرة المشرق.
2. التأثير الديني:
- نشر المذهب الإسلامي في عمق المناطق الأمازيغية.
- بناء مساجد مثل **جامع القرويين** (الذي أسسته فاطمة الفهرية لاحقًا)، كمراكز للعلم.
3. إرث ثقافي دائم:
حتى اليوم، يُعتبرضريح المولى إدريس الأول في زرهون (قرب وليلي) مزارًا وطنيًا، رمزًا للوحدة بين العرب والأمازيغ.
الخاتمة: درس من التاريخ
قصة المولى إدريس الأول ليست مجرد هروبٍ من الموت، بل نموذجٌ لفن تحويل الهزيمة إلى انتصار، عبر الذكاء السياسي، واحترام الخصوصيات الثقافية. لقد أثبت أن التحالف بين المبادئ الدينية والحكمة الدنيوية يمكن أن يبني دولاً تُخرِجُ شعوبًا من الظلام إلى النور.
اليوم، وبينما تُعيد الأمة العربية والإسلامية اكتشاف تاريخها، تبقى سيرة إدريس الأول إلهامًا لكل من يبحث عن الوحدة في ظل التنوع.
الفيديو
☆☆
ندعوكم الى تقديم آرائكم واقتراحاتكم من خلال صندوق التعليقات أسفله.كما يمكنكم تقاسم ونشر أعمالكم على الموقع ، وما على الراغبين في ذلك سوى مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني التالي:
Mojmos3@gmail.com
لأي استفسار ما عليكم سوى مراسلتنا
☆☆
فى نهاية موضوعنا هذا وللاطلاع على الموضوعات القادمة
وحتى تتوصلوا بكل
جديد من موضوعات المدونة لاتنسوا التسجيل والانضمام للقائمة
البريدية للمدونة بادخال بريدكم الالكتروني عن طريق التسجيل
نسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه. لا تنسونا من خالص الدعاء.
مواضيع موقعنا متعددة ومتنوعة وتعنى بكل ما يخص التربية والتعليم من :
أخبار ومستجدات التربية والتعليم، موارد رقمية، جدادات لمختلف المستويات، دلائل، وثائق تربوية للاستاذ والتلميذ،ادارة تربوية،مواضيع تخص كل ما يتعلق بالتفتيش،مواضيع تخص كل ما يتعلق بالتعاقد، مواضيع تتعلق بالاختبارات المتعلقة بامتحانات الكفاءة المهنية لأسرة التربية والتعليم بجميع أسلاكها،دروس وملخصات للمتعلم والمتعلمة، فروض وامتحانات تعليمية لمختلف المستويات والاسلاك:ابتدائي؛اعدادي،ثانوي. مواضيع في علوم التربية، والبيذاغوجية، والديداكتيك.أنشطة وتطبيقات داعمة للمتعلم والمتعلمة والمزيد، المزيد من المواضيع...
الأسئلة الشائعة
المولى إدريس الأول هو مؤسس الدولة الإدريسية، أول دولة إسلامية مستقلة في المغرب العربي، حكم بين 788-791م، ويعتبر رمزًا للاستقلال عن الخلافة العباسية.
اعتمد على التحالفات القبلية الذكية واختيار موقع جغرافي استراتيجي في أطلس المتوسط، مستفيدًا من البعد عن مراكز القوة العباسية.
1- تحالف مع القبائل الأمازيغية
2- تأسيس مدينة فاس كعاصمة علمية واقتصادية
3- نشر المذهب الشيعي الزيدي
4- إقامة نظام إداري مركزي
1- البعد الجغرافي الآمن عن العباسيين
2- الثروات الطبيعية
3- وجود قواعد سكانية مؤيدة لأهل البيت
4- موقع تجاري استراتيجي
إرسال تعليق
ضع تعليقا خاصا ولا تنسى الاعجاب والاشتراك ادا اعجبك الموضوع للتوصل بكل ما هو جديد فضلا وليس أمرا.شكرا جزيلا على تفاعلكم الطيب.